الدّراسة في الخارج هي حلمٌ للكثيرين إلّا أنّها تجربة مليئة بالتحّديات،
لنتعرّف عليها ونسعى لتجاوزهاالحصول على منحة أو قبول جامعي من أجل
الدراسة في الخارج يُعدّ حلماً للكثيرين وهو يتطلّب جهداً وتحضيرات عديدة
تحدثت عنها في مقال سابق . ورغم السعادة الّتي يجلبها هذا النجاح إلّا
أنّ هذه الخطوة والانتقال من أجل الدراسة في الخارج يترافق مع بعض
الصعوبات والتحدّيات، وهذا ما سأتحدّث عنه في هذا المقال محاولةً اقتراح
بعض الحلول لها من وحي تجربتي للدّراسة والعيش في لندن.
1- امنح نفسك بعض الوقت للتعرف على البلد وثقافته:
اعتقد أنّ متابعة الأفلام والمسلسلات الغربيّة قد ساعدتنا في التعرّف على
نمط الحياة في تلك البلاد، إلّا أنّ تجربتها بشكل شخصيّ مختلفٌ بعض
الشّيء حاصّةً أنّه يتوجّب على الطّالب الجديد القيام بالعديد من
الإجراءات قبل البدء بتجربة الدراسة في الخارج، كالتّسجيل وفتح حساب
مصرفيّ وغيرها، بالإضافة لتأمين مستلزمات السكن والمعيشة، مما يجعل تقبّل
الحياة الجديدة أمراً متعباً في البداية. لذلك امنح نفسك بعض الوقت قبل
البدء ببرنامجك الدراسيّ لاكتشاف المدينة وفهم أسلوب الحياة فيها،
وكيفيّة استخدام المواصلات العامة، والتعرّف على محال الطّعام
والسوبرماركت والصيدليّات المجاورة لمكان سكنك ودراستك. رغم أنّ هذه
التفاصيل تُعتبر صغيرة إلّا أنّ لها تأثيراً كبيراً على شعورك بالراحة
والاستقرار نوعاً ما، وهو ما تحتاجه خاصّة في الفترة الأولى بعد وصولك.
2- اللغة:
قد تشكل اللغّة عائقاً أمام الاندماج والتأقلم مع الحياة الجديدة لدى
العديد من الطلّاب. فقد يشعر البعض بالإحراج من الوقوع في الأخطاء
اللّغوية أو عند عدم فهم بعض المصطلحات والتّعابير الأمر الذي يدفعهم
لتجنّب التحدّث مع الآخرين والانغلاق على أنفسهم. إلّا أنّ هذا الأمر
طبيعيٌّ جداً ويجب عدم الخوف منه بل على العكس، فإتقان اللغة يعتمد على
ممارستها بشكلٍ مستمر من خلال المحادثات اليوميّة.
إضافة لذلك، فسكّان المدن الغربية معتادون على تواجد طلّاب من مختلف
أنحاء العالم في بلدانهم وهم يقدّرون محاولات الطّلاب لتعلّم اللّغة بل
ويساعدونهم على تصحيح الأخطاء اللّغوية عند الوقوع بها. لذلك مارسوا
اللغة ولا تخافوا الخطأ وستلاحظون التحسّن السّريع في لغتكم.
3- الوقت:
على عكس الحياة في بلادنا العربيّة، فالحياة في المدن الغربيّة الكبيرة
سريعةٌ جداً، يسير كل شيءٍ فيها بانتظام ضمن جداول ومواعيد محدّدة مما
يجعل الناس منهمكين في أعمالهم وسعيهم للّحاق بمواعيدهم لدرجة فد تشعر
فيها أنهم كالمكنات أو الرجال الآليين. هذا الأمر قد يشكّل صدمة للبعض
عند الانتقال للعيش في هذه المدن، إلّا أنّه لا مفر منه ولا وسيلة
لتغييره. لكن عوضاً عن الارتباك والتّوتر، يمكن للطّالب أن يحاول تنظيم
جدول مواعيده والتّخطيط للأشياء التي يجب عليه فعلها سلفاً. واجعلوا عطلة
نهاية الأسبوع وقتاً للراحة والاسترخاء بعيداً عن ضغوطات العمل
والدّراسة.
4- نظام التعليم والدّرجات:
يعتمد نظام التعليم في البلاد الغربية بشكل كبير على قراءات الطّالب
واجتهاده وتحليله النقدي ومناقشته للمعلومات التي يتلقّاها، مما يتطلّب
قراءات كثيرة وتطويراً لمهارات التفكير النقديّ. كما أن نظام الدرجات
وتقييم الطّالب مختلف عن ذلك في بلادنا العربيّة، ففي بريطانيا مثلاً تعد
60-69% تقديراً و70% وما فوقها امتيازاً وذلك لأنّ تحصيل درجات أعلى من
70% ليس بالأمر السهل. لذلك لا يجب أن تصابوا بإحباط إنّ كانت درجاتكم
ليس كما ترغيون خاصة في الامتحانات والوظائف الأولى، فهو أمر يمكن تحسينه
في الامتحانات التالية بعد أن تكونوا قد تأفلمتم مع نظام التعليم الجديد
وطبيعة الامتحانات المختلفة.
5- الشّعور بالوحدة أو الحنين إلى الوطن:
وهو أمر يواجهه جميع الطلّاب الّذين يتركون أوطانهم خاصّة للمرّة الأولى،
وقد يحدث في الأشهر القليلة الأولى أو بعد فترة طويلة. هنالك عدة طرق
لتخفيف وطأة هذا الشعور،ومنها محاولة الالتقاء والتعامل مع أشحاص من نفس
الخلفيّة الثقافيّة، وهو أمرٌ سهلٌ جداً، ففي أغلب الجامعات هناك نوادٍ
للأشخاص ذوي الاهتمامات أو الثقافات المشتركة، يقومون بتنظيم نشاطات
وفعاليّات مختلفة، فهنالك مجتمعات عربيّة ومجتمعات إسلاميّة ومسيحيّة
ومجتمعات لمختلف أنواع الرياضة أو الفنون. كما أن المدن الكبيرة ذات
التنوّع السكّانيِّ الكبير يوجد فيها أحياء خاصّة للعرب (والشعوب
والثقافات الأخرى) يتواجد فيها مطاعم ومحال عربيّة تغطي جميع الاحتياجات.
أمر آخر يحب القيام به هو الإقبال على التعامل مع ثقافات وشعوب مختلفة
والانفتاح على الآراء والأفكار المتنوّعة. بهذه الطريقة يمكنكم خلق مجتمع
جديد في بيئةٍ جديدة والاستمتاع بتجربة السّفر وعيش الحياة بطريقة
مختلفة. كونوا مبادرين وشاركوا ثقافتكم وتعلّموا من الثقافات الأخرى.
6- لا تعاني بصمت:
ليس السفر من أجل الدراسة في الخارج بالتجربة السّهلة، والاندماج في حياة
وثقافة جديدة هو أمرٌ يتطلّب جهداً عقليّاً ونفسيّاً وعاطفيّاً. عندما
تشعرون أنّكم متعبون أو غير قادرين على تحمّل التغيّرات في حياتكم أو
ضغوطات الدّراسة، لا تخافوا من التّعبير عن ذلك. تحدّثوا إلى مدرسيكم
وإلى مراكز الدّعم والمساعدة التّي توفّرها الجامعة، فهي وُجِدت لهذه
الأسباب. الضغوط النفسّية وعدم التمكّن من مواجهة التغييرات ليس أمراً
سيّئاً أو معيباً لذلك لا تترددوا أبداً في التحدّث عن مشاكلم وما تعانون
فهنالك دوماً أشخاص مسؤولون عن تقديم يد العون والمساعدة.
0 comments: